بين ترامب ونتنياهو تبادل المصالح الشخصية على حساب الغير
تاريخ النشر 23 Nov 2019

Alhawadeth Archive

 

 طلع علينا الرئيس ترامب مؤخرا عن طريق وزير خارجيته بومبيو بنهفة جديدة هي اعتبار ما تفعله إسرائيل من سرقة أراضي الفلسطينيين المحتلة وبناء المستوطنات فيها غير مناف للقانون. أي ان ترامب أطلق يد إسرائيل في احتلال ما تريد من الأرض الفلسطينية. وكأنما لا يكفي أن سبق وأعطي القدس وهضبة الجولان لإسرائيل.

 وترامب بفعله هذا قد خرج عن السياسة التي اتبعتها الإدارات الأمريكية على مدى أربعة عقود من الزمن منذ عام 1978 والتي كانت المانع الرئيسي لضم الأراضي الفلسطينية. وهي سياسة أيدتها الأمم المتحدة والدول الأوروبية.

ترى هل يفعل الرئيس ترامب هذه الأفعال جهلا أو عن دراية وإصرار؟ الجواب على ذلك، رغم تصرفات ترامب الهوجاء في كثير من الأحيان هو أن أن فعله هذا أو افعاله الأخرى هي كلها خدمة مقصوده لإسرائيل. ‏بل والأحرى أنها خدمة لنتنياهو. وفي كل هذا تبادل للمصالح الشخصية على حساب الفلسطينيين. نتنياهو يريد ما يعطيه قوة دفع في تنافسه على رئاسة وزارة إسرائيل والافلات من العقوبة بعد أن ثبتت عليه السرقة والرشوة. وترامب يريد تأييد الايباك وسواها من مؤيدي إسرائيل في انتخابات العام المقبل وفي تجنب الآدانة في محاولة عزله الجارية في مجلس النواب. وما يريده نتنياهو هو تحقيق ما تسعى إليه الصهيونية المتطرفة.

وسماح ترامب لإسرائيل ببناء ما تشاء من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية من أجل تحقيق هدف سياسي شخصي له ينطوي على كثير من الضرر لمصالح الولايات المتحدة. انه تهور مقصود ليس له حق في ارتكابه، ذلك أنه أعطي ما لا يملك إلى من لا يستحق أن يملك. وهذا أمر يجدر بمجلس النواب أن يضعه في الاعتبار أثناء النظر في الإدانة.

 إنما تفعله وما فعلته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية ليس بخاف على أحد مهما حاولت هي وعملاؤها من تغطيته. ورغم كل ما يحدث فإنه لا يزال بين الناس من يقف إلى جانب الحق ومن يعترض على الباطل. وفي هذا الشأن قال عضو الكونجرس الأمريكي ليفين مؤخرا في تغريدة له ما يلي: 'ذهبت امس الى الجانب الجنوبي للضفة الغربية، بما في ذلك القرية الفلسطينية سوسية، التي دمرتها الحكومة الإسرائيلية مرتين، و التي حجبت عنها الان الماء. بينما شاهدنا بام أعيننا الهيئة الحكومية وهي تمد الأنابيب عبر أرض القرية وتوصيل مياه الشرب إلى قاعدة أمامية إسرائيلية قريبة غير مشروعة. ‏وهذا، بكل بساطه، لا يصدقه العقل. وبقدر ما أغضبني هذا الوضع، فإن صمود القرى الفلسطينية قد ترك انطباعا أقوى في نفسي'.

لهذا القول أهمية لا تعود إلى ما جاء فيه فحسب، بل أن لها جوانب وأبعادا عدة. فقائل القول ليس مجرد إنسان عادي مراقب للأوضاع. انه عضو في الكونجرس، أي مجلس النواب. ومن المفروض أن يكون من مؤيدي إسرائيل مهما فعلت. ولكنه من القلة من أصحاب المراكز الهامة الذين يتمتعون بضمائر حية، لا تقبل الأساءة ولا التلاعب والظلم والاجحاف. وهذا هو دليل جديد على بدء انتشار الوعي وإدراك ما وقع على الفلسطينيين من إجحاف . وان انتشار هذا الوعي وان كان بطيئا، فهو واقع لا محالة.

نعم لقد بدأت تظهر الأدلة على افاقة الوعي لدى الكثيرين في الولايات المتحدة وأوروبا. وهذا لا محالة واقع ويستحق الترحيب. بيد أن ثمة عاملا آخر له الأهمية الكبرى فيما يتعلق بالحالة في الأراضي المحتلة.

 قبل سنوات عدة مضت، قمت بزيارة مدينتي المحببة القدس، وكنت أثناء الزيارة ارتاد يوميا مقهى الفندق الوطني في باب الساهرة. ذلك المقهى واقع في الطابق الثاني من الفندق، وله نوافذ زجاجية واسعة تطل على الشارع. ‏وكنت وأنا جالس أحتسي القهوة انظر إلى الشارع باهتمام. فقد لفت نظري واعجبني ما كنت أشهده، شبان فلسطينيون يسيرون في الشارع جادين ورافعين رؤوسهم وكأنهم يتحدون المحتل الغاصب رغم ما لديه من قوة وعتاد.

 أولئك الشبان في مدينة القدس لا يقلون تصميما وأصرارا عن غيرهم من الشبان الفلسطينيين في كل مكان. والشاب الفلسطيني رغم ما قاساه هو واهله وأينما كان، يعرب في كل فرصة، عن ذلك الإصرار والتصميم. و عندما نشاهد مجموعة من الشباب والفتيات في الاحتفالات والأعراس وهم يؤدون رقصة الدبكة، فإنني لا أرى في كل ضربة قدم على الأرض الا تعبيرا عن الاصرار والتمسك بالوطن. إن ضربة قدم الشاب الفلسطيني أثناء رقصة الدبكة هي أقوى معنويا من طلقة مدفع المحتل والمعتدي.

أو كما قال أبو القاسم الشابي

' إذا الشعب يوما أراد الحياة     فلابد أن يستجيب القدر'

وإن ما قاله عضو الكونجرس ليفين، انما يعبر عن ضمير حي. وهذا التصريح هو بادرة لرد فعل لما يحدث من طغيان وسرقة للأرض الفلسطينية.‏ ترى هل يقبل الكونجرس ما فعله الرئيس ترامب من انتهاك للقوانين والاتفاقات والأعراف الدولية ابتغاء مرضاة المعتدي، السارق المغتصب لاملاك الغير؟ اليست فعلته الأخيرة بندا قويا في ادعاء الديمقراطيين في مجلس النواب الرامي الى عزله عن الرئاسة.

أخبار ذات صلة

المزيد من الأخبار

كل التعليقات ( 0 )

جميع الحقوق محفوظة © 2023 الحوادث
طورت بواسطة : Zahid Raju