بواسطة
جرائم فرنسا في الجزائر لا تعد ولا تحصى, وستبقى وصمة عار في جبينها, لصيقة متجددة يذكرها التاريخ وترويها الأجيال جيلا بعد جيل, وحتى لا ننسى ولا نتناسى, يجب أن نذكرها ونعيد ذكرها لكل متشدق يحاول تبيض وتلميع المستعمر وإنسانيته المزيفة وحقوق الإنسان والحيوان التي صدعونا بها وجعلوا منها عناوين عريضة لـ محاضراتهم الجوفاء, وشعاراتهم المفبركة التي تزين منابرهم.
الاثنين 13 فيفري 2023, تمر الذكرى الثالثة والستون, لأشنع وأبشع جريمة نووية يقوم بها المستدمر الفرنسي في الصحراء الجزائرية بتاريخ 13 فيفري 1960 والتي أطلق عليها أسم " اليربوع الأزرق" وهي عبارة عن قنبلة ذرية فرنسية من البلوتونيوم بقوة 60 و 70 كيلو طن.
جريمة التفجيرات النووية برقان التي نفذتها فرنسا بالصحراء بصحرائنا، والتي مازالت آثارها شاهدة على وحشية المستعمر الفرنسي إلي اليوم, والتي خلفت أثارا نفسية وصحية وجينية حادة ما تزال تؤرق سكان المنطقة, فقد أجرت سلسلة من التجارب إلي غاية سنة 1966, مخلفة مقتل أكثر من 42 ألف شخص, زيادة على الأمراض الخطيرة والتشوهات الخلقية التي لحقت بسكان المنطقة, و التأثيرات الجانبية التي لحقت بالبيئة والكائنات الحية والغطاء النباتي والتي ما تزال تعاني منها منطقة رقان إلي اليوم.
كما أن فرنسا المجرمة لم تكتفي بهذه التفجيرات الخطيرة على البشر والبيئة, فقد قامت بإعدام 150 أسيرا من جيش التحرير الجزائري, وذلك بجعلهم كفئران تجارب بعد تقييدهم على أوتاد وتعريضهم للتفجير النووي مباشرة, هذه هي سياسة فرنسا التي لن تتغير, والتي ما تزال لحد الساعة سارية المفعول, وصدق الشهيد الشيخ العربي التبسي عندما قال قولته الشهيرة " من عاش فليعش بعداوته لفرنسا ومن مات فليحمل معه هذه العداوة إلى القبر", لأنه رأى ببصيرته ما لم يراه غيره, أن فرنسا لن تتغير أبدا وستبقى ذلك المستدمر المجرم الذي لن يزيح نظره وحقده عن مستعماراته,
منطقة رقان الجزائرية كانت صحراء عذراء جميلة وعمقا طبيعيا آمنا للإنسان والحيوان, كما كانت مرتعا خصبا للغزلان والعديد من الأصناف الحيوانية الأخرى, ولكن فرنسا المجرمة وحبها للسيطرة, ولكي تصبح دولة نووية قوية جعلت منها مسرحا لسبعة وخمسين (57) تفجير وتجربة واختبار نووي, منها 4 تفجيرات جوية بمنطقة حمودية برقان، و13 تفجير باطني بالمكان المسمى بتاوريرت تان افلا إين أكر, والتي كانت نتيجتها فاشلة, ولكن أخطرها الحادث النووي "بريل" الذي كان بتاريخ 1 ماي 1962 .
إن هذه الجريمة الشنعاء في حق الإنسان والبيئة لن تموت بالتقادم وستبقى الأمة الجزائرية تطالبها بها, وكرد فعل عن هذه الجريمة , صدر أول تصريح جزائري عن محمد يزيد وزير الأخبار في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية منددا بهذا التفجير قائلا " إن الانفجار الذري الفرنسي الذي تمّ في صحرائنا يوم 13 فيفري 1960 يعد جريمة أخرى تسجّل في قائمة الجرائم الفرنسية، إنها جريمة ضد الإنسانية وتحد للضمير العالمي الذي عبّر عن شعوره في لائحة صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن الحكومة الفرنسية لا توفي أي اعتبار لصيحات الاحتجاج والاستنكار ضد برامجها النووية، تلك الصيحات المتعالية من جميع الشعوب الإفريقية منها و الآسيوية والأوروبية والأمريكية" ويضيف "إن جريمة فرنسا هذه تحمل طابع المكر الاستعماري المستهتر بجميع القيّم. إننا مع جميع شعوب الأرض نشعر بفعلة الحكومة الفرنسية التي تعرف الشعوب الإفريقية أخطار التجارب الذرية. إننا ندرك أن القنبلة الفرنسية لها معنى، ومعناها تخويف وتهديد الحركة التحريرية في إفريقيا. إن الانفجار الذري في رقان لا يضيف شيئا إلى قوة فرنسا، فاستعمال هذه القوة هو السياسة الوحيدة التي عرفتها إفريقيا عن فرنسا. بل إن انفجار رقان ينزع من فرنسا كل ما يحتمل أنه تبقى لها من سمعة في العالم".
بعد رحيل القوات الفرنسية من قواعد المختبر النووي بالصحراء الجزائرية, قامت بدفن كافة معداتها و آلاتها ونفاياتها من مواد كيميائية وبيولوجية, بحفر عميقة لـ تخفي جريمتها, لذلك ظهرت العديد من الأمراض الخطيرة القاتلة ومنها السرطان والعقم والإجهاض وتشوهات في المواليد ووفاتهم و تلوث البيئة والأراضي الزراعية التي لم تعد صالحة للزراعة.
ورغم مرور 61 سنة منذ الاستقلال الذي انتزعناه منها بقوة السلاح, إلا أن الجزائر ما تزال تعاني من المكر الفرنسي والخديعة وزرع القلاقل, فهي كالحرباء متغيرة متأقلمة مع كل ظرف ترى فيه مصالحها, ولهذا وجب كسرها وكسر كل علاقة معها, وصدق العالم الجزائري محمد البشير رحمه الله عندما سئل هل فرنسا تضبط بفتح الفاء أم بكسرها؟ فقال : اكسروها كسرها الله.
بلخيري محمد الناصر
أخبار ذات صلة
كل التعليقات ( 0 )